يمكن تقسيم المراجع أو الإصدارات التي يبحث عنها المهتم بالمعلومات عن العلاقات الروسية الخليجية والسعودية بحسب الفترة الزمنية التي يبحث عنها مثلاً ما يخص الفترة الممتدة من أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين سيجد الباحث كنز من المعلومات عن علاقات الخليج والجزيرة العربية بروسيا القيصرية في أرشيف وتقارير الدبلوماسيين والضباط وقباطنة السفن الروسية هذا الأرشيف أغلبه محفوظ كمصادر أولية في أرشيف الدولة للسياسة الخارجية الروسية بشكل رئيس ملفات السفارة في القسطنطينية والملف الفارسي ,وأرشيف الدولة العسكري والتاريخي وأرشيف الدولة للأسطول الحربي البحري,وأرشيف المستشرقين في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم السياسية .
ومن المواد التي عرضت هذا الأرشيف ورقة بحثية مهمة نشرتها دارة الملك عبد العزيز لإيفيم ريزفان ترجمها د.عوض البادي من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وللبروفسور إيفيم ريزفان أيضاً كتاب بعنوان كتاب سفن روسية في الخليج 1899 م- 1903 م صدر باللغة العربية عام 1990 م .
ونستعرض بشكل سريع أسباب اهتمام روسيا بالخليج العربي مع ذكر أهم المصادر والمراجع لكل فترة فكان توجه أنظار روسيا للخليج لأسباب كثيرة منها أن المنطقة كانت تحت حكم خصم روسيا القيصرية التقليدي الإمبراطورية العثمانية فكان لابد أن تهتم روسيا بهذا الجانب من العالم و زاد هذا الاهتمام خطط ألمانيا مد خط سكك حديدية من تركيا إلى بغداد وربط البحر المتوسط بالخليج ما يهدد المصالح العسكرية والاقتصادية الروسية وكان في البدء الوسيلة الوحيدة هي إرسال السفن الحربية وكان الهدف من تسيير أوائل السفن الحربية هو إرسال إشارة لبريطانيا بكسر الاحتكار البريطاني وان روسيا تعتبر الخليج مفتوحا لسفن العالم دون أي نوايا عدوانية أو إحراز مكاسب إقليمية .
أيضا كان لاهتمام روسيا بالخليج بالإضافة للأسباب السياسية أسباب جغرافية لوجستية اقتصادية وهي أن روسيا بحكم موقعها لابد أن توجه نظرها للبحار الدافئة نظرا لان البحار في روسيا غير مفتوحة وقسم منها داخلي وبعض بحارها متجمد طول السنة فكان الوصول للمياه الدافئة شعار ثابت في السياسة الروسية لأنها كانت تبحث عن بحار تربط بين إيران و الهند وتبحث عن موانئ لتوزيع بضاعتها . فنشطت الملاحة الروسية وإرسال السفن الروسية للخليج خاصة بين عام 1899 م حتى العام 1905 م , فتعاقبت السفن والبعثات الاستكشافية فكان نتاج هذا النشاط كم كبير من المراسلات والتقارير تصف بدقة ظروف الملاحة و وأحوال المرافئ والحالة التجارية والسياسية و الاقتصادية والاجتماعية للخليج ورصد هذه التحركات بالتفاصيل وكتب عن مقابلات قباطنة السفن لشيوخ الخليج واستقبال السكان و مشايخ المنطقة للروس إيفيم ريزفان كما ذكرنا في ورقته المنشورة بالدارة وبشكل أوسع في كتابة سفن روسية وكذلك تناولت هذه الحقبة دراسة الدكتورة نادية الدوسري بعنوان ( محاولة التدخل الروسي في الخليج العربي) إصدار عن دارة الملك عبد العزيز أيضاً وتناولت الدراسة بالتحديد الفترة الواقعة بين عامي 1880 م ـ 1907م فاستعرضت الأنشطة الروسية بالخليج وخاصة بلاد فارس ومحاولات روسيا للاتصال بمختلف القوى السياسية في نجد، وأهمها الملك المؤسس عبد العزيز ال سعود .
وكل من وصف استقبال السكان ومشايخ الخليج للروس يصف الاستقبال بأنه مرحب بالروس وكان فرصة للسكان أن يسمعوا عن أحوال المسلمين في روسيا حيث كان البريطانيون يزعمون أن روسيا تُجبر المسلمين على اعتناق المسيحية و انه لا يوجد مساجد في روسيا بعكس بريطانيا وكان سبب ترحيب السكان ومشايخ المنطقة بالروس أنهم كانوا يعولون على بريطانيا لمساعدتهم على إنهاء تبعيتهم لتركيا وفارس ولكن اقتنعوا بأن المساعدة البريطانية ستقود لتبعية أخرى فكان ظهور السفن الروسية وفتح بعثات القنصليات وحساسية بريطانيا من إظهار العرب انه يمكن لروسيا تكون حليف في سعيهم للحد من الاختراق الانجليزي والعثماني فبدأ العرب استخدام اتصالاهم مع الروس في صراعهم الدبلوماسي مع بريطانيا , بالمقابل كانت ردات فعل القوى الإقليمية على هذه التحركات غير مرحبة خاصة بريطانيا التي كانت قلقه من الاهتمام الروسي بالخليج الذي يهدد احتكارهم للمنطقة فكانت تقاوم أي محاولة مد روسي في المنطقة .
بالإضافة للتقارير الاستخباراتية الروسية من الدبلوماسيين والضباط ورصد حركة الملاحة الروسية وأرشيفها الذي يصف أحوال السكان و يعكس صورة الصراع الدولي على الخليج هناك أرشيف لا يقل أهمية وهو تقارير ومراسلات الأطباء الذين زاد عددهم بعد انتشار الطاعون وكانت روسيا توفدهم للاهتمام بالحجاج الروس وكانت بريطانيا دائماً تنظر لهم بتوجس على أنهم عملاء خصوصا لأنهم كانوا يقدمون العلاج للسكان مجانا وكانت اغلب تقاريرهم عبارة عن إحصاءات طبية مفصلة ,وكذلك العلماء الموفدين للخليج من علماء نبات و علماء يفدون لدراسة سلالات الخيول العربية,وكذلك من المصادر المهمة التقارير وما كتب حول الحج حيث زاد اهتمام روسيا بالحجاج وأحوال الحج بعد عام 1898م وهي السنة التي انضمت فيها تركستان رسميا لروسيا وبلغ حينها عدد المسلمين المواطنين الروس ستة عشر مليون و في البداية كانت الدولة تضمن ولاء السكان المحليين لروسيا إلى أن قامت أعمال شغب في منطقة كرا وطشقند وانديجان قائمة على شعارات دينية فرأت السلطة ضرورة تحليل الوضع الديني ودور المحرضون العثمانيون الذين نقلوا لدول آسيا الوسطى وحتى الفولغا أفكار الوحدة الإسلامية وكان التحالف الألماني التركي و ألمانيا خصوصا حينها تستخدم اللعب بالورقة الإسلامية ضد روسيا وبريطانيا ما جعل خطر دعاية الحركة الإسلامية بالغ الأهمية لروسيا وان الحج يبدو المصدر الرئيس للدعاية المناهضة لروسيا حيث كان يقدر عدد الحجاج تقريبا ب10000 حاج روسي سنويا ولأن الحج ظاهرة تؤثر في ولاء المسلمين في روسيا للحكومة تم إرسال الضابط الروسي المسلم ضابط الأركان العامة عبد العزيز دولتشاين فأعد تقرير سري بعد الزيارة يصف أحوال الحجاج وطريق رحلتهم ويصف الوضع الأمني والصحي في الحجاز ويوميات وطقوس الحج وأفضى التقرير إلى أن خطر الحج في بث أفكار الحركة الإسلامية كان مبالغا فيه وفي مرحلة لاحقة قام دولتشاين بدور فاعل في إصدار قانون متسامح تجاه فريضة الحج .
تبع دولتشاين كثير من العملاء السرين لتقصي أحوال الحج لكن بقيت رحلة وتقارير دولتشاين هي الأبرز وكتب عنها أيضاً إيفيم ريزفان كتاب الحج قبل مائة سنة عبد العزيز دولتشاين ومهمته السرية إلى مكة سنة 1898 م صدرت الطبعة العربية من بيروت عام 1994 م .
وبسبب أهمية الحج بالنسبة لروسيا أقامت روسيا أول إقامة قنصلية روسية في جدة علم 1891 م تتولى تسهيل و تنسيق الحج مع أشراف الحجاز للحجاج القادمين من روسيا وكان القنصل في جدة غير مستقل تماما حيث كان يعمل تحت إشراف السفير الروسي في اسطنبول وكانت وظيفته بشكل أساسي متابعة شؤون الحجاج الروس.
وعودة لاهتمام روسيا بالخليج نرى أنها اهتمت بالاتصال بشكل رئيس بالموانئ خاصة في مسقط والبحرين و البصرة وبوشهر وفي ما عدا موضوع الحج كانت الجزيرة العربية تحظى باهتمام اقل من الخليج العربي في الوثائق الروسية ولكن الدكتور صبري الحمدي ذكر في كتابه ( الخليج والجزيرة العربية في المصادر الروسية ) عدة مراجع روسية كتبت عن الجزيرة العربية وتعتبر كنز لم يترجم بعد بحسب تعبيره أهمها بحث (تومارا) عن الجذور الاجتماعية للحركة السلفية التي ظهرت في نجد أواسط القرن الثامن عشر , ودراسات (بيرشتيس) عن النظام الاجتماعي والسياسي في شمال الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين , ومؤلف م . شوراكوف بعنوان (تاريخ نجد الحديث) , و مؤلفات ( بوندتريفسكي ) عن أوضاع الجزيرة العربية خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر ,وأيضاً كتاب (ن. بروشين ) بعنوان ( العربية السعودية ) الذي يُعد بحسب الدكتور صبري أول محاولة روسية لتحليل قيام الدولة السعودية.
هذا الاتصال والاهتمام الروسي بالخليج الذي نشط في الأعوام بين . 1899 م حتى العام 1905 م وبدأ ينخفض بعد عام 1905 م بسبب هزيمة روسيا في حربها مع اليابان وانشغال روسيا بالاضطرابات الداخلية الروسية وبسبب الخوف الروسي البريطاني من تصاعد قوة ألمانيا جعل القوتين يتوصلون عام 1907 م إلى اتفاق تم بمقتضاه تقسيم مناطق النفوذ في أواسط آسيا وفارس وأفغانستان والخليج فسلمت بريطانيا بنفوذ روسيا في شمال فارس مقابل اعتراف روسيا بالنفوذ البريطاني في جنوب الخليج العربي وبهذا خففت الاتفاقية التناقضات بين البلدين وساعدت على قيام وفاق بين بريطانيا وروسيا .
و بعد هذا الاتفاق بسنوات قليلة اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 م فانشغلت روسيا في الأحداث العسكرية والسياسية بعد انضمامها للجبهة مع بريطانيا وفرنسا ضد ألمانيا والنمسا والمجر ,وفي عام 1917 م قامت ثورة أكتوبر التي أنهت الحكم القيصري وأُعلن تأسيس الاتحاد السوفيتي الذي اتبع سياسة خارجية على وفق أفكار الثورة الاشتراكية مع بقاء واستمرار وجود القنصلية الروسية التي أنشئت عام 1891 م حتى بعد قيام ثورة أكتوبر 1917 م.
ومن المواد التي تعد مرجع مهم لوصف الفترة من أواخر عهد الأشراف بالحجاز وحتى انتصارات الملك عبدالعزيز في ضم الحجاز عام 1924 م وتأسيس الدولة السعودية ورقة للدكتور فيتالي ماؤ ومكين بعنوان الدبلوماسية السوفيتية في الحجاز الانطلاقة الأولى إلى الجزيرة العربية 1923 م – 1926 م .
ورغم أن روسيا كانت أول دولة غير عربية تعترف رسمياً بالملك عبد العزيز حاكم للسعودية عام 1926 م وزيارة الملك فيصل للاتحاد السوفيتي عام 1932 م لكن روسيا سحبت بعثتها الدبلوماسية عام 1938 م ,واتصفت العلاقة بالركود بسبب ميل السعودية أثناء الحرب الباردة للمعسكر الغربي ضد روسيا وكانت روسيا بالمقابل تقدم الدعم العسكري للأنظمة الماركسية في اليمن و أفغانستان وكانت السعودية ترى أن هذا الدعم هدفها إضعاف السعودية بسبب تحالفها مع الولايات المتحدة وهكذا أستمر الجمود ووصل أحيانا للتناقض إلى أن سقط الاتحاد السوفيتي عام 1990 م وبدأ بعدها معالم عالم جديد يتشكل .